آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم:2017/247م: حكم شراء المنازل القديمة التي تعذرت معرفة ملاكها

السؤال: كيف يمكن شرعا شراء المنازل في المدن القديمة حيث يتعذر وجود من ينتسب للأسرة المالكة أصلا؟ وهل إذا وجد شخص من المؤكد أنه من عموم تلك الأسر يمكن الشراء من عنده؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين؛
وبعد: فإن عقود المعاوضات لابد فيها من شروط تجب مراعاتها في كل من العاقد والمعقود عليه؛ وهذه الشروط منها ما يتعلق بصحة العقد بحيث يعتد به وتترتب آثاره عليه، ومنها ما مرده إلى لزوم هذا العقد بحيث يتوقف تمام انبرامه على تحققه فلا يمكن حله من طرف واحد.
وقد عد أهل العلم ملك البائع أو ولايته على المبيع من شروط اللزوم، فغير المالك والمولى من غاصب أو متعد إذا باع مال غيره كان للمالك الخيار بين الإمضاء والرد، لأن البيع منحل أي غير لازم من جهة المالك ويسمى بيع الفضولي.
قال خليل: " ووقف مرهون على رضا مرتهنه وَمِلْكُ غَيْرِهِ عَلَى رِضَاهُ" ؛ وظاهره أنه لا فرق بين أن يكون بائعه غاصبا أو متعديا كما قال الشراح .
ومذهب الشافعي عدم انعقاده بدليل النهي الوارد عن بيع الرجل ما ليس عنده، والمالكية تحمله على بيعه لنفسه لا لغيره، قالوا: والدليل على ذلك أن النهي إنما ورد في حكيم بن حزام، وقضيته مشهورة، وذلك أنه كان يبيع لنفسه ما ليس عنده .
قال ابن جزي: "فَأَما الشِّرَاء لأحد بِغَيْر إِذْنه أَو البيع عَلَيْهِ كَذَلِك فَهُوَ بيع الْفُضُولِيّ فَينْعَقد ويتوقف على إِذن ربه وَقَالَ الشَّافِعِي لَا ينْعَقد" .
وقد اختلف أهل المذهب القائلون بانعقاده في حكمه ابتداء؛ قال الصاوي: اختلف في القدوم عليه فقيل بمنعه، وقيل بجوازه، وقيل بمنعه في العقار وجوازه في العرض".
والذي يظهر من خلال دليل الانعقاد ــ وهو حديث عروة البارقي: أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أعطاه دينارا يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه" ـــ: جوازه للمصلحة لذا قيد جوازه بمراعاة المصلحة المحققون من أصحاب المذهب، فيحمل ما ورد من المنع على خلاف ذلك.
قال العدوي: "بَيْعُ الْفُضُولِيِّ بِلَا مَصْلَحَةٍ لِرَبِّهِ حَرَامٌ وَإِنْ بَاعَهُ خَوْفَ تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ فَغَيْرُ حَرَامٍ بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَنْدُوبًا"9.
وقال الحطاب: "والحق أن ذلك يختلف بحسب المقاصد، وما يعلم من حال المالك أنه الأصلح له فتأمله والله أعلم" .
وهذه المنازل حسب ما يفهم من السؤال كانت مملوكة، وذكرتم أنها تعذرت معرفة ملاكها، فإن كان التعذر المذكور بسبب بعد ملاكها أو جهل أماكنهم مع العلم بوجودهم لم يجز شراء منازلهم هذه من غيرهم ممن فعل ذلك غصبا أو تعديا لغير مصلحة المالك، وهو من قبيل بيع الفضولي الذي يتوقف مضيه على علم المالك ورضاه، فإن علم المالك ورضي مضى البيع ولزم ولم يكن له إلا مطالبة الْفُضُولِيّ بِالثَّمَنِ.
قال عليش:" وإذا أجاز المالك فله مطالبة الفضولي فقط بثمنه؛ لأنه بإجازته صار وكيلا له، وشرط في رده ألا يسكت عاما مع العلم وإلا فلا رد له، وله طلب الثمن ما لم يسكت مدة الحيازة وإلا فلا شيء له" .
وإذا استغل المشتري هذه المنازل المبيعة فضوليا لم يفز بغلتها إذا علم بتعدي البائع ولم تكن له شبهة كما هو الحال في بيع الفضولي؛ قال الحطاب: " لو طال الزمان في بيع الفضولي قبل علم المالك حتى استغله المشتري فهل تكون الغلة له؟ حكى المشذالي في حاشية المدونة في أثناء كتاب القسمة عن الطراز أنه إن كان المشتري غير عالم بالتعدي، وكانت هناك شبهة تنفي عن البائع التعدي لكونه حاضنا للمالك أو ادعى الوكالة، ونحو ذلك، فالغلة للمشتري، وإلا فهي للبائع، والمشتري كالغاصب ونحوه لأبي الحسن الصغير في كتاب النذور" .
وقد نصوا على أن بيع الفضولي لا يفوت إلا بذهاب العين المبيعة؛ قال الصاوي:
" مَحَلُّ كَوْنِ الْمَالِكِ يَنْقُضُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ، فَإِنْ فَاتَ بِذَهَابِ عَيْنِهِ فَقَطْ كَانَ عَلَى الْفُضُولِيِّ الْأَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْفُضُولِيِّ غَاصِبًا أَوْ غَيْرَ غَاصِبٍ -كَذَا فِي الْأَصْلِ وَحَاشِيَتِهِ" .
وإن كان ما ذكرتم من التعذر بسبب انقراض الملاك أو جهل وجودهم فمرد هذه المنازل إلى بيت مال المسلمين والنظر في أمرها من اختصاص السلطة الشرعية القائمة في البلد كسائر الأموال التي جهل أربابها.
وأما إذا علم بعض الملاك وباع ذلك البعض دون الآخرين فبيعه لازم في حصته من تلك المنازل ولا يلزم في حصص الآخرين، لعدم ملكية البائع إياها.

والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات