آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم: 0075/ 2015م: حكم احتكار المواد الأساسية

السؤال: ما حكم احتكار المواد الأساسية؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه؛
وبعد: فإن الغاية الأولى من تشريع التجارة والصناعة والزراعة... في التشريع الإسلامي خدمة المجتمع، وتأمين مصالحه، لأن المجتمع يحتاج إليها جميعا حاجة شديدة، بل حاجة ضرورية فالتشريع الإسلامي يتميز بأنه جعل الأصل في التجارة والصناعة والزراعة إطلاق يد التجار والصناع والزراع فيها، ولكن ضمن حدود وضوابط لا يتعدونها، فتُضمن بذلك مصلحة المجتمع، التي هي الهدف الأول للمشروعية، ومن هنا فإن الاحتكار بمفهومه المسؤول عنه:" الادخار للمبيع، وطلب الربح فيه بتقلب الأسواق" ، بهذا المفهوم جائز ما لم يضر بالناس.
روى ابن المواز عن مالك: أنه سئل عن التربص بالطعام وغيره رجاء الغلاء؟ قال: ما علمت فيه بنهي ولا أعلم به بأسا، يحبس إذا شاء ويبيعه إذا شاء ويخرجه إلى بلد آخر، قيل لمالك: فمن يبتاع الطعام فيحب غلاءه؟ قال: ما من أحد يبتاع طعاما أو غيره إلا ويحب غلاءه .
فإن كان فيه ضرر منع حفاظا على استقرار المجتمع وتوفيرا لاحتياجاته، وعلى هذا النوع يتنزل النهي والوعيد الوارد في المحتكر: "لا يحتكر على الناس إلا خاطئ" . هذا هو مشهور المذهب الذي به الفتوى لأنه مذهب المدونة ورواية ابن القاسم .
فعن مالك في المدونة: والحكرة في كل شيء من طعام أو إدام أو كتان أو صوف أو غيره فما كان احتكاره يضر بالناس منع محتكره من الحكرة، وإن لم يضر ذلك بالناس ولا بالسوق فلا بأس به ، وقال النووي: "والحكمة في تحريم الاحتكار: دفع الضرر عن عامة الناس" .
وإذا كانت علة الاحتكار الإضرار بالناس فإن احتكار السلع الأساسية التي يحتاجها الناس في حياتهم ويترتب على احتكارها إضرار بهم يحرم شرعا، ولو لم تكن طعاما خلافا لمن خص ذلك بالطعام.
بل ذكر النووي عن القاضي عياض بناء على ذلك أنه لا يجوز في وقت ضيق الطعام أن يشتري إلا ما لا يضيق على الناس كقوت أيام أو أشهر، وإن كان في وقت سعة اشترى قوت سنة لادخاره صلى الله عليه وسلم لأهله قوت سنة .
ومما يدخل في دائرة المنع للضرر ما يمكن تسميته في عصرنا "احتكار الصنف"، قال ابن القيم: ومن أقبح الظلم أن يلزم الناس ألا يبيع الطعام أو غيره من الأصناف إلا أناس معروفون، فلا تباع تلك السلع إلا لهم، ثم يبيعونها هم بما يريدون، فلو باع غيرهم ذلك منعوه فهذا ظلم للخلق من وجهين: ظلم للبائعين الذين يريدون بيع تلك الأموال؛ وظلم للمشترين منهم. والواجب إن لم يمكن دفع جميع الظلم أن يدفع الممكن منه .
ومن هنا فإن الشخص إذا احتكر في حالة يمنع فيها الاحتكار كان على ولي الأمر أن يأمره بالإخراج والبيع للناس، فإن لم يمتثل أجبره على ذلك تقديما للمصلحة العامة عند تعارضها مع الخاصة.
قال الحطاب: " أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعام، واضطر الناس إليه، ولم يجدوا غيره أجبر على بيعه، دفعاً للضرر عن الناس .
ونقل الباجي ما معناه: أنه إذا قل الطعام في السوق واحتاج الناس إليه فمن اشترى منه شيئا للحكرة فهو مضر للمسلمين معتد في فعله ذلك فمن فعله فليخرجه إلى السوق ويبعه إلى أهله بما ابتاعه ولا يزداد فيه . وهو بهذا يحرم المحتكر من الربح عنده معاملة بنقيض قصده.
وقال القرطبي في سياق الحديث عن منع الاحتكار وجبر المحتكر على البيع: فيجب على من كان عنده ذلك أن يبيعه بسعر وقته، فإن لم يفعل أجبر على ذلك إحياء للمهج وإبقاء للرمق فاعتبر البيع عليه بسعر الوقت.
وفي حاشية الرهوني ما يفيد أن البيع عليه بمثل ما اشتري به إن كان اشتراه في وقت الضيق وقلة الطعام كما هو محمل كلام الباجي، أما إذا اشتراه في وقت الرخاء فإنه يباع عليه بسعر الوقت ، على ما ذكر القرطبي.
ونقل الأبي في شرح صحيح مسلم: عن بعض خلفاء بني العباس ببغداد: أنه كان إذا غلا السعر ترفق بالمسلمين فأمر بفتح مخازنه وأن يباع بأقل مما يبيع الناس حتى يرجع الناس عن غلوهم في الأثمان، ثم يأمر مرة أخرى أن يباع بأقل من ذلك حتى يرجع السعر إلى أوله أو القدر الذي يصلح للناس حتى يغلب الجالبين والمحتكرين بهذا الفعل وكان ذلك من حسن نظره.
والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات