آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم: 402/ 2020م: في حكم معاوضة أوبيع الحبس،إن انقطع نفعه.

السؤال: ملخص الاستفتاء: يتعلق بالحبس بين اثنين وهو عبارة عن قطعتين أرضيتين إحداهما فيها نخل والأخرى فيها متجر (بوتيك) علما أن الأرض الأولى ليس لها من يقوم عليها، هل يجوز تحويلهما إلى عقار يكون له دخل شهري (دار) نشير إلى أن أحد الإخوة مصاب بمرض مزمن ولا يتمتع بقواه العقلية نريد مصلحته ولذلك ننتظر منكم جوابا سريعا.

الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين؛
وبعد: فإنه من المعلوم أن لكل من المحبِّس والمحبَّس عليه مصلحة في الحبس، إلا أن المحبِس مصلحته في الحبس أخروية، حيث إنه يبغي المثوبة على ذلك من الله سبحانه وتعالى لما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَملُه إلاّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيةٌ. وَعِلْمٌ يُنْتَفِعُ بِهِ. وَوَلَدٌ صَالِحٌ يدْعُو لَهُ". سنن الترمذي.
والمحبس عليه مصلحته دنيوية حيث إنه يملك منفعة الحبس وإن كان لا يمتلك ذاته، كما قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: "الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ مَا جَازَ صَرْفُ مَنْفَعَةِ الْمُحَبِّسِ، لَهُ أَوْ فِيهِ". التاج والإكليل، ص: 307.
فمن هنا يتضح لنا أن لكل منهما مصلحة في الحبس، ثم إنه لا تحصل المنفعة لأي منهما إلا إذا كانت المنفعة المرجوة من الحبس حاصلة.
وعليه فتعتبر مصلحة كل منهما فيه؛ الأول لحصول الثواب وبقائه، والثاني لحصول الانتفاع به.

أما بالنسبة لتبديل الحبس: فإنه مما هو معلوم أن الأصل وجوب المحافظة على إبقاء مادة الحبس وصورته التي كان بها لحظة جعله حبسا، ما دام الانتفاع به حاصلا على تلك الحالة فلا يجوز تبديله ولا التغيير فيه إلا إذا كان ذلك في إطار صيانته ورعايته، أما إذا انقطعت منفعة الحبس ولم يرج عودها فإن كان غير عقار فمشهور المذهب جواز بيعه أو استبداله بمثله.
قال ابن شاس: "رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَا سِوَى الْعَقَارِ إذَا ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ الَّتِي وُقِفَ لَهَا كَالْفَرَسِ يَكْلُبُ أَوْ يَهْرَمُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا وُقِفَ لَهُ أَوْ الثَّوْبُ يَخْلُقُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي وُقِفَ لَهُ وَشَبَّهَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ". منح الجيل، ص: 44.
وأما العقار فإن مشهور المذهب فيه عدم جواز بيعه أو استبداله حتى لو خرب ولم تعد فيه منفعة، قال خليل في المختصر: " لا عقار وإن خرب". يعني: أنه لا يجوز بيع العقار الحبس حتى لو خرب وانقطعت منفعته إلا أن جواز بيعه أو معاوضته إذا رأى القاضي المصلحة في ذلك هي رواية أبي الفرج عن الإمام مالك وهو قول أبي حنيفة.
قال الخرشي ردَّ -خليل –بِقَوْلِهِ: "وَإِنْ خَرِبَ" عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِجَوَازِهِ، وَكَذَا رِوَايَةُ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ إنْ رَأَى الْإِمَامُ بَيْعَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ جَازَ وَيُجْعَلُ فِي مِثْلِهِ. الخرشي، ص:474.

وقد مال غير واحد من أهل المذهب إلى رواية أبي الفرج هذه؛ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: "إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُحَبَّسَةِ انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهَا جُمْلَةً وَعَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهَا وَكِرَائِهَا، فَلَا بَأْسَ بِالْمُعَاوَضَةِ فِيهَا بِمَكَانٍ يَكُونُ حَبْسًا مَكَانَهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ وَالْغِبْطَةُ فِي ذَلِكَ لِلْعِوَضِ عَنْهُ وَيُسَجَّلُ ذَلِكَ وَيُشْهَدُ بِهِ". التاج والإكليل، ص: 361.
وقال الفضل بن سلمة: "في حبس المساكين يكون في البلد فتيبس أشجاره ويقحط بحبس الماء عنه فقال يرى القاضي فيه رأيه في بيع أو شركة أو غير ذلك". نوازل عليش، ج: 4، ص: 491.

وفي نظم العمل المطلق:
ومــا مــن الحبُس لا ينتفـــع بــه ففيــه البيـــــع ليس يمنع
وبالمعاوضـــة فيــه عملــوا على شروط عرفت لا تهمــــل
كون العقار خربا وليس فـي غلتــــه مــا بصلاحــــه يفـ ـي
وفقد مــن يصلحــه تطوعـا واليأس من حالتــه أن يرجعــا
وقد جرى عمل من تأخــرا أن من الوفر الأصول تشتــرى.

وقد لخص الشيخ عليش في نوازله حاصل ما في هذه المسألة فقال: ...فَتَحْصُلُ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّ فِي الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ إذَا انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي مَدِينَةٍ أَوْ بَعِيدًا مِنْ الْعُمْرَانِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ الْمَنْعُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ.
وَالثَّانِي الْجَوَازُ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي حَاوِيهِ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَقْلِ الْبُرْزُلِيِّ وَبِهِ وَقَعَتْ الْفَتْوَى وَالْحُكْمُ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ بْنُ لُبٍّ إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ إنَّهُ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، ج: 4، ص: 491.

الخلاصة:

أن الحبس ما دامت المنفعة التي حبس من أجلها حاصلة فلا يجوز بيعه ولا معاوضته مطلقا أي سواء كان عقارا أو غيره، وإن كانت منفعته انقطعت ويرجى رجوعها فلا يجوز أيضا بيعه ولا معاوضته، وإن كانت منفعته انقطعت ولم يرج رجوعها بعد ذلك، فالمشهور جواز بيعه أو معاوضته بمثله إن لم يكن عقارا، فإن كان عقارا فالمشهور عدم جواز ذلك فيه، إلا أن العمل جرى ببيعه أو معاوضته، وإذا بيع جعل ثمنه في مثله، ولا يتصرف في الحبس ببيع أو معاوضة وأحرى إذا كان في المحبس عليهم محجور عليه إلا تحت إشراف القضاء أو الجهة الرسمية المسؤولة عن الأوقاف، (إدارة الأوقاف) وبعد النظر المعمق في المصلحة العاجلة والآجلة.

والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات