السؤال : ملخص الاستفتاء: يقول السائل: السادة الفقهاء كنت متزوجا بسيدة ورزقت منها بنتا وابنا وسبق أن طلقتها مرتين لكن رجعت لها وبت معها ليلة واحدة نتيجة ضغوطات اجتماعية خرجت من عندها صلاة الصبح وبعد أن اتصلت بي ضحى أخبرتها أن الذي بيننا لا يمكن أن يستمر، قصدي بذلك الضغوطات الاجتماعية ودليل ذلك أني لقيت ابن عمها وزوج أختها وأخبرته بتلك الضغوطات وأشهدته على عدم طلاقي ويشهد لذلك أن أمها اتصلت بي مستفسرة هل أنا مطلق أم لا وعن سبب عدم مبيتي مع زوجتي فأخبرتها أنني لم أطلق ولما كانت الليلة الموالية أي الليلة الثانية التي قضيت عنها اتصلت بها بغية زيارة البنية لعماتها فوافقت لكن لما أتيت لأخذها فوجئت بأخيها وابن عمها بيدهم ورقة وقلم وأجبروني على كتابة طلاقها وتحريمها فكتبت أني أطلقها طلاقا لن تحل بعده حتى تنكح زوجا غيري فهل هذا الطلاق يعتبر طلاقا ؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فإن كل ما صدر من هذا الزوج قبل كتابته للطلاق لا يعتبر طلاقا على حسب ما ورد في السؤال، أما الطلاق الذي كتبه وادعى أنه مجبر عليه فإن الحكم في ذلك مناط بحقيقة أو كيفية ذلك الجبر، فإن كان جبر بما يعتبر شرعا فإن الطلاق لا يلزمه لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ قد تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)).
وإن كان غير معتبر شرعا فإن الطلاق يعتبر لازما فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
والجبر المعتبر شرعا هو ما بينه خليل بقوله:
"أو أكره ... إلا أن يترك التورية مع معرفتها بخوف مؤلم: من قتل أو ضرب أو سجن أو قيد أو صفع لذي مروءة بملإ أو قتل ولده أو لماله وهل إن كثر؟ تردد لا أجنبي"
قال الخرشي معلقا: (ص) بِخَوْفٍ مُؤْلِمٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُكْرِهَ وَلَمْ يَقُلْ بِتَحَقُّقِ أَوْ وُقُوعِ مُؤْلِمٍ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْخَوْفِ الْمُؤْلِمِ بِقَوْلِهِ (ص) مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ (ش) وَلَوْ قَلَّ (ص) أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ (ش) ظَاهِرُهُ فِيهِمَا أَيْضًا وَلَوْ قَلَّ.
(ص) أَوْ صَفْعٍ (ش) فِي الْقَفَا (لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ) أَيْ بِجَمْعٍ فَإِنْ فُعِلَ بِهِ فِي الْخَلَاءِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لَا فِي ذِي الْمُرُوءَةِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْيَسِيرِ وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ وَلَوْ فِي الْخَلَاءِ وَبِعِبَارَةٍ: الْمَلَأُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَشْرَافِ خَاصَّةً وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الثَّانِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ فُعِلَ ذَلِكَ مَعَهُ فِي الْخَلَاءِ وَالصَّفْعُ هُوَ الضَّرْبُ بِالْكَفِّ فِي الْقَفَا ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ يَسِيرَهُ وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ التَّخْوِيفُ بِذَلِكَ لَا حُصُولُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ وَغَيْرِهِ - فِي الْمَلَإِ وَالْخَلَاءِ -، وَالْيَسِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ فِي الْمَلَأِ وَيَظْهَرُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِكْرَاهِ كَوْنُ الْمَخُوفِ بِهِ يَقَعُ نَاجِزًا وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك فَعَلْت كَذَا بِك بَعْدَ شَهْرٍ وَحَصَلَ الْخَوْفُ بِذَلِكَ كَانَ إكْرَاهًا.
وفي منح الجليل: مَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَ ثَلَاثًا، أَوْ زَوْجَةً فَطَلَّقَ جَمِيعَ زَوْجَاتِهِ... فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ.
خلاصة الفتوى:
فخلاصة الفتوى: أن الأمر راجع إلى حقيقة ذلك الإكراه الذي ادعاه الزوج فإن كان بشيء مما ذكر من ضرب أو خوف من قتل أو إذلال أمام الناس ونحوه فلا يلزم الطلاق معه للحديث: «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» وإلا فقد حرمت عليه.