السؤال: ملخص الاستفتاء: تقول السائلة: امرأة مطلقة من رجل بتاريخ: 12/ 08/ 2020م وبعد انقضاء حيضتها بان بها حمل ورفض الزوج الاعتراف به ووضعت ولدها بتاريخ: 10/ 07/ 2021م ولجأ الرجل لفحص: (DNA) وجاءت نتيجة الفحص أن الولد لا علاقة له به.
ومن هنا أريد أن أسأل: هل هذا الولد شرعا يلحق بهذا الرجل؟ وهل يمكن شرعا الاعتماد على نتيجة فحص الجينات (DNA) في إلحاق النسب أو نفيه؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛
أما بعد: فإن هذا الولد المسؤول عنه يعتبر لاحقا بذلك الزوج السابق باتفاق أهل العلم لأن الفراش قد جره له مصداقا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ".
قَالَ ابن عبد البر: حديث "الولد للفراش" من أصح ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عن بضعة وعشرين نفسا من الصحابة. [شرح الزرقاني، ج 4، ص: 54].
وقال الزرقاني: "الولد للفراش" للعهد، أي الولد للحالة التي يمكن فيها الافتراش، أي تأتي الوطء، فالحرة فراش بالعقد عليها مع إمكان الوطء والحمل، فلا ينتفي عن زوجها سواء أشبهه أم لا، وتجري بينهما الأحكام من إرث وغيره، إلا بلعان [شرح الزرقاني، ج4، ص50].
وإذا كان لحوق هذا الولد بالزوج السابق متفقا عليه فإن نفيه عنه لا يمكن ولا يصح ولا يجوز شرعا إلا بوسيلة واحدة هي اللعان المستوفي للشروط المعروفة شرعا، ونقول شيوخ المذهب في هذا المجال كثيرة جدا نذكر منها ما يلي:
وفي المدونة: قلت: أرأيت إن طلقها فحاضت ثلاث حيض وقالت قد انقضت عدتي فجاءت بالولد بعد ذلك لتمام أربع سنين من يوم طلقها فقالت المرأة قد طلقني فحضت ثلاث حيض وأنا حامل ولا علم لي بالحمل وقد تهراق المرأة الدم على الحمل فقد أصابني ذلك، وقال الزوج: قد انقضت عدتك وإنما هذا الحمل حادث ليس مني أيلزم الولد الأب أم لا؟
قال: يلزمه الولد إلا أن ينفيه بلعان. [ج: 2، ص 24].
ولعل فيما ذكرنا من نصوص كفاية لمن يبحث عن الحق الذي ينجيه غدا بين يدي الله الواحد الأحد جل جلاله، وننبه إلى أن نفي النسب بغير اللعان لا قائل به من السلف، فالفحص المذكور في السؤال لا يترتب عليه شيء من ناحية الشرع.
وإذا كان البعض يرى أنه يحصل به علم اليقين في زعمهم فإننا نلفت انتباه العقلاء إلى أن اليقين لا يطلب في هذا المجال ولذا فإنه لو شهد ثلاثة علماء عدول على امرأة بالفاحشة فإنه لا يحصل من هذا إلا إقامة حد القذف عليهم مع أن إخبارهم يحصل به اليقين عادة.
ثم إن ما يتعلق بإلحاق الأنساب وصون الأعراض من أحكام تعتبر أحكاما تعبدية لا مجال لخوض العقول فيها.
وعليه فإننا نوصي أطباءنا وكل المعنيين بهذه الأمور أن يتقوا الله تعالى في أنساب الناس وأعراضهم فلا يقدموا على شيء في مجالها إلا بعد عرضه على ميزان الشرع.
خلاصة الفتوى:
وخلاصة الفتوى: أن الولد المسؤول عنه لاحق بالزوج لا يمكن نفيه عنه إلا بلعان مستوفي الشروط، لأنه ولد بعد الطلاق لدون أقصى أمد الحمل.