آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم: 2021/466م: في بعض مسائل الإلحاق

السؤال: ملخص الاستفتاء: تقول السائلة: امرأة مطلقة من رجل بتاريخ: 12/ 08/ 2020م وبعد انقضاء حيضتها بان بها حمل ورفض الزوج الاعتراف به ووضعت ولدها بتاريخ: 10/ 07/ 2021م ولجأ الرجل لفحص: (DNA) وجاءت نتيجة الفحص أن الولد لا علاقة له به.
ومن هنا أريد أن أسأل: هل هذا الولد شرعا يلحق بهذا الرجل؟ وهل يمكن شرعا الاعتماد على نتيجة فحص الجينات (DNA) في إلحاق النسب أو نفيه؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛
أما بعد: فإن هذا الولد المسؤول عنه يعتبر لاحقا بذلك الزوج السابق باتفاق أهل العلم لأن الفراش قد جره له مصداقا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ".
قَالَ ابن عبد البر: حديث "الولد للفراش" من أصح ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عن بضعة وعشرين نفسا من الصحابة. [شرح الزرقاني، ج 4، ص: 54].

وقال الزرقاني: "الولد للفراش" للعهد، أي الولد للحالة التي يمكن فيها الافتراش، أي تأتي الوطء، فالحرة فراش بالعقد عليها مع إمكان الوطء والحمل، فلا ينتفي عن زوجها سواء أشبهه أم لا، وتجري بينهما الأحكام من إرث وغيره، إلا بلعان [شرح الزرقاني، ج4، ص50].
وإذا كان لحوق هذا الولد بالزوج السابق متفقا عليه فإن نفيه عنه لا يمكن ولا يصح ولا يجوز شرعا إلا بوسيلة واحدة هي اللعان المستوفي للشروط المعروفة شرعا، ونقول شيوخ المذهب في هذا المجال كثيرة جدا نذكر منها ما يلي:

جاء في الموطإ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا فَارَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ رَجْعَةٌ ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا لَاعَنَهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا وَكَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ إذَا ادَّعَتْهُ مَا لَمْ يَأْتِ دُونَ ذَلِكَ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَلَا يَعْرِفُ أَنَّهُ مِنْهُ قَالَ: فَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَاَلَّذِي سَمِعْت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

قال الباجي: قَوْلُهُ: "وَكَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ" يُرِيدُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَمَدِ الْحَمْلِ، ...وَأَكْثَرُ أَمَدِ الْحَمْلِ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الْمَالِكِيِّينَ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ سَبْعُ سِنِينَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْثَرُ الْحَمْلِ سَنَتَانِ. [المنتقى، ج: 4، ص: 80].

وفي المدونة: قلت: أرأيت إن طلقها فحاضت ثلاث حيض وقالت قد انقضت عدتي فجاءت بالولد بعد ذلك لتمام أربع سنين من يوم طلقها فقالت المرأة قد طلقني فحضت ثلاث حيض وأنا حامل ولا علم لي بالحمل وقد تهراق المرأة الدم على الحمل فقد أصابني ذلك، وقال الزوج: قد انقضت عدتك وإنما هذا الحمل حادث ليس مني أيلزم الولد الأب أم لا؟
قال: يلزمه الولد إلا أن ينفيه بلعان. [ج: 2، ص 24].

وَقَالَ يحيى: قال بن الْقَاسِمِ: إِنْ أَتَتِ الْمَرْأَةُ بِوَلَدٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إِلَى أَقْصَى مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ.

قَالَ ابن عبد البر: هَذَا لَا شَكَّ وَلَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ فِيهِ أَعْنِي مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ. [الاستذكار، ج6، ص103].

وقال ابن شُبْرُمَةَ: إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ حَمْلًا فِي عِدَّتِهَا فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الَّذِي تَعْتَدُّ مِنْهُ لَاعَنَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ جُلِدَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ. [الاستذكار، ج6، ص 103].

وقال خليل في المختصر: "وَإِنْ أَتَتْ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَحِقَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ".
قال الخرشي - معلقا -: يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ وَطْئِهِ عَنْهَا وَلَمْ تَكُنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ صَاحِبِ الْحَمْلِ أَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ حَيْضَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ عَقْدِ الثَّانِي فَإِنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ الْحَيُّ بِلِعَانٍ وَلَا يَضُرُّهَا إقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأقْرَاء عَلَى الْبَرَاءَةِ أَكْثَرِيَّةٌ وَالْحَامِلُ تَحِيضُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ وَأَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَمَا فِي حُكْمِهَا فَأَكْثَرَ مِنْ عَقْدِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. [شرح الخرشي على مختصر خليل، ج 4، ص 142].

ولعل فيما ذكرنا من نصوص كفاية لمن يبحث عن الحق الذي ينجيه غدا بين يدي الله الواحد الأحد جل جلاله، وننبه إلى أن نفي النسب بغير اللعان لا قائل به من السلف، فالفحص المذكور في السؤال لا يترتب عليه شيء من ناحية الشرع.
وإذا كان البعض يرى أنه يحصل به علم اليقين في زعمهم فإننا نلفت انتباه العقلاء إلى أن اليقين لا يطلب في هذا المجال ولذا فإنه لو شهد ثلاثة علماء عدول على امرأة بالفاحشة فإنه لا يحصل من هذا إلا إقامة حد القذف عليهم مع أن إخبارهم يحصل به اليقين عادة.
ثم إن ما يتعلق بإلحاق الأنساب وصون الأعراض من أحكام تعتبر أحكاما تعبدية لا مجال لخوض العقول فيها.
وعليه فإننا نوصي أطباءنا وكل المعنيين بهذه الأمور أن يتقوا الله تعالى في أنساب الناس وأعراضهم فلا يقدموا على شيء في مجالها إلا بعد عرضه على ميزان الشرع.

خلاصة الفتوى:
وخلاصة الفتوى: أن الولد المسؤول عنه لاحق بالزوج لا يمكن نفيه عنه إلا بلعان مستوفي الشروط، لأنه ولد بعد الطلاق لدون أقصى أمد الحمل.

والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات