السؤال: يقول السائل: وجدت زوجتي لقيطة ذهبنا بها إلى الجهات المختصة ثم طلبنا أن نتولى تربيتها حيث لم يعرف ذووها، وقد أصبح الآن من الضروري التسجيل في الحالة المدنية؛ فالقوانين تنص على فرض تسجيل هذه الطفلة على العائلة الكافلة؛ ومن المعلوم شرعا بطلان التبني وحظر انتساب الإنسان إلى غير أبيه؛ ما هو حل هذه المعضلة؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه؛
وبعد: هذه النازلة التي سألتم عنها تتعلق بها أمور منها:
 الالتقاط الذي ذكرتم وهو فرض كفاية يكفي في سقوط الخطاب به قيام بعض الناس عن بعض قال في المختصر: ووجب لقط طفل نبذ كفاية .
 الإشهاد عليه وهو إما مندوب أو واجب حسب ما يعلم من حال الملتقط قال خليل ممزوجا بالشرح: (وينبغي) للملتقط (الإشهاد) عند الالتقاط على أنه التقطه، خوف طول الزمان فيدعي الولدية .

قال الدسوقي في هذا المحل: أي إذا كان يخاف أنه عند طول الزمان يدعي ما ذكر فإن تحقق، أو غلب على الظن دعوى ذلك وجب الإشهاد .
 حرمة تبنيه أو انتسابه إلي من التقطه كما يوذن بذلك تعليلهم وجوب الإشهاد عند الالتقاط، ولأن الإسلام أبطل التبني عموما، وأمر أن يدعى الإنسان لأبيه من النسب، قال تعالي [ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم] ، وحرم الانتساب إلي غير الأب لما في الصَّحِيحِ المتفق عليه عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي بكر كِلَاهُمَا قَالَ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ"، وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أبيه وهو يعلمه إلا كفر وَمَنِ ادَّعَى مَا ليْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار" .

وإنما منع من ذلك لما يترتب على النسب من الأحكام كالمحرمية، وثبوت الولاية والميراث وغيرها، فمن لا يعرف له أب يقال له: فلان أخو فلان أو مولاه من الولاية بمعني الحلف: [إن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم] .

قال في التحرير والتنوير: والإخبار بأنهم إخوان وموال كناية عن الإرشاد إلى دعوتهم بأحد هذين الوجهين. والواو للتقسيم وهي بمعنى(أو) فتصلح لمعنى التخيير وليس في دعوتهم بوصف الأخوة ريبة أو التباس مثل الدعوة بالبنوة لأن الدعوة بالأخوة في أمثالهم ظاهرة لأن لوصف الأخوة فيهم تأويلا بإرادة الاتصال الديني بخلاف وصف البنوة فإنما هو ولاء وتحالف فالحق أن يدعوا بذلك الوصف، وفي ذلك جبر لخواطر الأدعياء.

وبالنسبة لإشكالية حصول اللقطاء علي الأوراق المدنية فإنه لا يجوز شرعا للأسرة الكافلة أن تسجل اللقيط على اسمها وقد نص علي ذلك قانون الحالة المدنية المعمول به في البلد عكس ما ورد في السؤال، كما نص على أن اللقطاء وأمثالهم ممن ليس له أب معروف لا بد له من القضاء ليصدر له قرارا ويجعل له فيه اسم أب يختاره، ثم يأتي إلى مصالح الحالة المدنية وتسجله على أساس ذلك، وعلي هذا الأساس ورعيا لمصلحة اللقيط فإننا ننصح بالتوجه إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات اللازمة المنصوص عليها في مسطرة الحالة المدنية من أجل تسجيله في سجل السكان.

والله الموفق.