آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم: 131/ 2014م: في حكم طاعة الأبوين بطلاق الزوجة

السؤال: من أمرته أمه أن يطلق زوجته مع أن الزوجة صالحة ولا يصدر منها اتجاه الأم أي ظلم؛ فهل يجب على الزوج طلاقها؟ وهل يكون عند عدم التطليق عاقا لأمه أم لا؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه؛
وبعد: فلا يخفى ما بوأ الله تعالى به الأبوين من مكانة في الشرع؛ وما لبرهما والإحسان إليهما من الأجر عند رب العالمين، وما يترتب على عقوقهما من الإثم العظيم والخسارة في الدارين.

ولما كان الأبوان أحق الناس بحسن الصحبة قرن الله تعالى الإحسان إليهما بعبادته وتوحيده، قال تعالى:[واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا...] ، وقال: [وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا].

وأمام هذا الحق العظيم فإنه لا مندوحة لك أخي المسلم عن طاعة أبيك إن كان اعتراضه عليك بوجه شرعي مقبول، فإن لم يكن كذلك كأن كان بأمر مخالف شرعا فلا سمع ولا طاعة.
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا طلب الأبوان كلاهما أو أحدهما من الابن أن يطلق زوجته من غير سبب شرعي يستدعي طلاقها فقال بعضهم بوجوب الطاعة، وقال آخرون بخلاف ذلك.

ومن أدلة أصحاب القول الأول ما يلي:

1-حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كانت تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عبد الله ابن عمر طلق امرأتك" .

قال في تحفة الأحوذي : فيه دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذرا له في الإمساك، ويلحق بالأب الأم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن لها من الحق على الولد ما يزيد على حق الأب.

وهكذا قال الشوكاني: هذا دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذرا

2-قول إبراهيم لزوجة إسماعيل عليهما السلام: إذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه، قال ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك فطلقها .
ومما استدل به أصحاب القول الثاني:
1-قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف"، وليس من المعروف أن يطلق الابن زوجته بدون ذنب.
2-قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، وطلاق الابن زوجته من غير بأس ضرر بهما من غير أن ينتفع الأبوان بذلك.
3-ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق" ، فالطلاق يبغضه الله فلا تتعين إجابة الوالدين إذا طلباه.
4-طلاق زوجته ليس من البر، لأنه لا ينتفع الأبوان به

فعن الحسن قال قيل له: رجل أمرته أمه أن يطلق امرأته؟ قال الحسن: «ليس الطلاق من برها في شيء» .

وعن ابن المبارك، قال: أخبرنا ابن لهيعة، قال: حدثني معاوية بن الريان، أنه سمع رجلا، يسأل عطاء عن رجل له أم وامرأة، والأم لا ترضى إلا بطلاق امرأته قال: «ليتق الله في أمه وليصلها». قال: أيفارق امرأته؟ قال عطاء: «لا»؛ قال الرجل: فإنها لا ترضى إلا بذلك؛ قال عطاء: «فلا أرضاها الله، امرأته بيده إن طلقها فلا حرج وإن حبسها فلا حرج» .

وقال ابن مفلح المقدسي الحنبلي: فإن أمره أبوه بطلاق امرأته لم يجب، ذكره أكثر الأصحاب قال سندي سأل رجل أبا عبد الله فقال إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي قال: لا تطلقها قال: أليس عمر أمر ابنه عبد الله أن يطلق امرأته قال حتى يكون أبوك مثل عمر -رضي الله عنه.

والراجح من هذا الخلاف في نظرنا أنه لا يجب الطلاق في هذه الحالة ما لم تكن هناك ضرورة داعية إليه، وأنه ليس من بر الوالدين كما قال الحسن البصري، وأن الأمر الوارد في ذلك منه صلي الله عليه وسلم إنما كان أمر إرشاد لا أمر إيجاب فيكون مقتضاه الاستحباب كما هو الحال بالنسبة لأمر سيدنا إبراهيم عليه السلام لما رآه من كثرة الشكوى وعدم شكر النعمة.

هذا فيما يتعلق بطلاق من قد تزوجها الابن، أما التي لم يتزوجها بعد فإن أمره أبوه بعدم الزواج بها فعليه الطاعة، إلا إذا منعه من النكاح مطلقا أو خشي المعصية في خصوصها فلا طاعة حينئذ، وقد قال الشيخ محمد مولود بن أحمد فال في نظم البرور مضمنا قول العلامة أحمد بن محمد بن محمد سالم المجلسي:

البر في النكاح حكمه انجلى ما قال أحمد إمام الفضلا
إن أمــر الوالد من قد نجلا بترك تزويج سليمى مثلا
فابن هلال ذو العلوم والعلى يلـزمه للأمـــر أن يمتثلا
وإن يكــن فــراقها قد ســألا فالهيثمي خلافه لن يحظلا
وســـيدي جســوس لما نقلا كلامه مـا رده بــل قــبلا
فإن يكن أصل النكاح حظلا فليــس لازما له أن يقبلا

وقال ناظم نوازل العلوي:

لابن هلال طوع والد وجب إن منـع ابنه نكـاح من خطب
مالم يخف عصيانه للمولي بها فطـــــــاعة الإلــــه أولي.

والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات