آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم: 341/ 2019م: في حكم تركة مكتبة حبس على صاحبها

السؤال: ملخص الاستفتاء:
السؤال يتألف من جزءين: يتعلق الأول بمكتبة معارة للمطالعة من أجل الانتفاع بها توفي معيرها فشهد بعد وفاته رجل وامرأة انه قال في حياته: إنها حبس عليه فهل يثبت ذلك حبسيتها عليه ، وهل له رد هذا الحبس؟

الجـواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛
وبعد: فإن دعوى حبسية الممتلكات تثبت بمثبتات المال وما يؤول إليه كالشاهد والمرأتين آو احدهما ويمين ، فقد ذكر غير واحد من شراح المختصر ثبوت الوقف بذلك عند قول المصنف [وان تعذر يمين بعض كشاهد لوقف ] وقد ذكر غير واحد من شراح المختصر عن ابن رشد أن المشهور المعلوم من مذهب مالك وأصحابه - رضي الله عنهم - أن شهادة النساء عاملة في الاحباس ؛لأنها أموال ، وقد عدها ابن فرحون فيما يثبت بشاهد وامرأتين وبأحدهما ويمين ، والشهادة المذكورة لا تكمل النصاب المطلوب لانفراد المرأة مع الشاهد فيها ، وعليه فان كان الورثة رشداء بالغين وأجازوا مقتضى الدعوى عمل بذلك فكانت هذه المكتبة حبسا ، وإلا فلابد من يمين المحبس عليه المكمل للنصاب ويمين القضاء وله جمعهما في يمين واحدة .
وفيما يتعلق بقبول المحبس عليه للحبس أو امتناعه عنه فقد نصوا على أن المعين الأهل يشترط قبوله ، واختلف هل قبوله شرط في اختصاصه به خاصة أو في صحة الوقف ، ويتفرع عليهما الخلاف فيما إذا رد المعين الحبس في حياة الواقف أو بعد موته هل يكون وقفا على غيره أو يرجع ملكا للواقف أو ورثته ، قال أبو الضياء في مختصره عاطفا على ما لا يشترط :ولا قبول مستحقه إلا المعين الأهل فان رد فكمنقطع .
قال ابن شاس في عقد الجواهر :"ولا يشترط في صحة الوقف عليه قبوله إلا إذا كان معينا ، وكان مع ذلك أهلا للرد والقبول ثم اختلف هل قبوله شرط في اختصاصه به خاصة أو في أصل الوقفية".
وقول خليل:" فان رد فكمنقطع "، أي: مستحقه في الرجوع حبسا ، لكن لا لأقرب فقراء عصبة المحبس وامرأة لو رجلت عصب على المشهور .
ولهذا قال عليش نقلا عن مصطفى الرماص: إن ما ذكره تت من رجوعه لأقرب فقراء عصبة المحبس لم يكن في علمي مذكورا فضلا عن كونه مشهورا ، ففي عزوه لمالك -رضي الله عنه – وتشهيره نظر ، وإنما المنقول في المسألة كما في ابن الحاجب وابن شاس وابن عرفة وغير واحد قولان أحدهما لمالك – رضي الله عنه- انه يكون حبسا على غير من رده والآخر لمطرف انه يرجع ملكا لمحبسه أو لورثته .
فَإِنْ رَدَّ مَا وٌقفَ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ الوَاقِفِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الوَقْفَ يَرْجِعُ حُبسًا لِلْفٌقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، عَلَى مَا قَالَ الطِّخِّيخِيُّ، وَاعْتَمَدَ عَجَّ أَنَّهُ يُجْعَلُ حُبْسًا عَلَى غَيْرِهِ بِاجْتِهَاِد الْحَاكِمِ وَهَذَا إِذَا جَعَلَهُ حُبْسًا سَوَاءً قَبِلَهُ مَنْ عُيِّنَ لَهُ آَمْ لَا، وَأَمَّا إِنْ قَصَدَهُ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّهُ إِذَا رُدَّ عَادَ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ .

وخلاصة الفتوى : أن هذه المكتبة إذا أجاز حبسيتها الورثة وكانوا رشداء بالغين كانت حبسا ، وإلا فان الشهادة المذكورة في السؤال ناقصة ولابد من يمين تكمل النصاب ، وبخصوص رد الحبس فانه لا مانع منه لذاته في حق المعين الأهل فان رده كان حبسا على غيره بالاجتهاد على احد شقي خلاف إلا أن يعلم أن الواقف قصد المعين بخصوصه فانه يعود مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ أو ورثته . والله أعلم.

الجزء الثاني يتعلق بوصية بكتاب المعيار لمن كان وديعة عنده ،وصية مكتوبة بشهودها وثم وصية أخرى مكتوبة بشروطها لأشخاص بثلث ماله فما الحكم في هاتين الوصيتين اللتين جاوزتا الثلث ؟

الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ءاله وصحبه ومن والاه.
وبعد: فان الوصية أمر ندب إليه الشرع لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَا حَقُّ امْرِئ مُسْلِم لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوَبَةٌ عِنْدَهُ" ، وهي فرصة لزيادة العمل بعد الوفاة كما يدل عليه الحديث:"إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم"، ولكن الشارع جعل لها حدا تنتهي إليه هو الثلث رعيا لحق الورثة، فان كانت الوصية أكثر من الثلث بطل الزائد عليه إلا أن يجيزه الورثة البالغون الرشداء وقد نص الفقهاء عند تعدد الوصايا وضيق الثلث عن استيعابها على كيفية العمل في ذلك من تقديم لبعضها على بعض أو محاصصة ، وخصوص ما ورد في السؤال من الوصية بكتاب المعيار والوصية بالثلث فنافذتان إن كان الورثة بالغين موصوفين بالرشد وأجازوهما ، وإلا نظر إلى قيمة الكتاب وما أوصى به من الثلث وكان لصاحب الكتاب فيه بتلك النسبة وما بقي فهو للموصى له بالثلث على سنة العول في الفرائض ، وعلى وجه التمثيل لو كان الثلث ستين وقيمة الكتاب عشرين فان المجموع ثمانون ونسبة القيمة الربع فلصاحب الكتاب خمسة عشر ثلاثة أرباع قيمته فهو شربك بها فيه ففي لوامع الدرر عند قول صاحب المختصر :"ومعين غيره ،وجزئه" نقلا عن الشبراخيتي : يشمل ما إذا عين ذات الموصى به كهذا الثوب وما إذا عين عدده ، فإذا أوصى له بمعين كثوب معين أو عدد كعشرة دنانير ونحوها وأوصى مع ذلك بثلث أو نصف فإن ذلك يتحاص في الثلث ، وفي حاشية الدسوقي نقلا عن المدونة أن من أوصى بثلث ماله لقوم وبشيء بعينه لقوم نظر إلى قيمة المعين والى ما أوصى به من الثلث ويتحاصان اهـ . وقد عزا الحطاب مشهورية ما في المدونة لابن رشد ومقابل المشهور أن التسمية مبدأ ، والقول الثالث أن الجزء مبدأ .
كل هذا إذا ثبت ما اقتضاه السؤال من وجود كتابة الوصيتين وثبوت نسبة الخط إليه والإشهاد على كل منهما أنها وصيته .

الخلاصة:
وخلاصة الفتوى أن كلتا الوصيتين إذا ثبتت نسبة خطهما للمتوفي وأنه اأشهد على كل منهما فإنهما تنفذان ويجب أن يتقيد التنفيذ بدائرة الثلث على ما تقدم من المحاصة .
هذا هو الجواب من الناحية النظرية ولكن من الناحية العملية يتعين طرح المسالتين على القضاء لأنها الجهة المختصة بنظر الوقف والوصية ، قال الشيخ خليل:"وإنما يحكم في الرشد وضده والوصية والحبس المعقب وأمر الغائب والنسب والولاء وحد وقصاص ومال يتيم القضاة". فلا يصح ثبوت الحبس ولا تنفيذ الوصية إلا بواسطة القضاء وأحرى إذا كان من الورثة أيتام أو محجورون أو غائبون.

والله تعالى أعلم.

بـــحــث
     
 خدمات