آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم: 499/ 2022م: في حكم التنازل عن بعض الدين مقابل تقديمه على تاريخه

السؤال: ملخص الاستفتاء: يقول السائل: بعد ما يليق بمقامكم من التحية والتقدير: أنا رجل لي دين عند رجل آخر وهو مليون أوقية على أجل ثمانية أشهر، إلا أني اضطررت لأخذه منه فطلبت منه أن يعطيني حقي، وهو المبلغ المذكور آنفا، فقبل بشرط أن أتنازل عن جزء منه حدده هو بمائتي ألف أوقية قديمة، وبعد سنة من هذه العملية علمنا بأنها ربوية وتبنا إلى الله منها.
السؤال: هل المائتان اللتان أسقطتا قبل الأجل لازمة أم لا؟
هذا وقد تم الاتصال على السائل فأفاد أن العملية وقعت قبل حلول الأجل بستة أشهر.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛
وبعد: فإنه لا خير في هذه العملية الموصوفة في السؤال لكونها من أنواع الربا ولن تعود على أي واحد من الطرفين بنفع لما بينه جل جلاله في محكم تنزيله من النهي عن الربا والوعيد عليه بالمحق وبالمحاربة وعلى الدائن أن يأخذ جميع دينه دون نقص، قال جل من قائل في سورة البقرة:
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الربا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الربا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الربا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (275)
يَمْحَقُ اللَّهُ الربا وَيُرْبِي الصدقات وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276).
وقال جل من قائل: يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الربا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رءوُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [279].
وقال: يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الربا أَضْعَفًا مُضَعَفَةً [آل عمران: 130].
وقال: وَمَا ءَاتَيْتُم مِّن رِّبًا لِتُرْبُواْ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُواْ عِندَ اللهِ. [الروم: 38].
وفي الحديث الصحيح عن عَون بن أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" لَعَنَ النبي -صلى الله عليه وسلم -الْوَاشِمَةَ، وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ".
وجاء في صحيح البخاري أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ وَثَمَنِ الْكَلْبِ وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ. [الحديث رقم: 5581]
وفي الحديث الصحيح عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي-صلى الله عليه وسلم -قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». وعد منها َأَكْل الرِّبَا.
وفي الأثر: عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان من ضمن خطبه التي تروى عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قوله: "شرّ المكاسب كسب الرِّبا" .
وقد اتفق علماء المذهب المالكي ومن وافقهم من الحنفية والحنابلة وبعض الشافعية على أن (ضع وتعجل) من صنوف الربا لكونها من السلف الذي جر نفعا؛ قال ابن جزي في قوانينه (الْفَرْع الْعَاشِر) قاعدة ((ضع وتعجل)) حرَام عِنْد الْأَرْبَعَة بِخِلَاف عَن الشَّافِعِي .
وقال في الرسالة متبوعا بكلام صاحب شرح كفاية الطالب الرباني:" وَلَا تَجُوزُ الْوَضِيعَةُ مِن الدَّيْنِ عَلَى تَعْجِيلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ".
وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ (ضَعْ وَتعَجلْ)، وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَيُسْقِطُ بَعْضَهُ وَيَأْخُذُ بَعْضَهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ فَيَقُولُ لَهُ رَبُّ الدَّيْنِ:عَجِّلْ لِي خَمْسِينَ وَأَنَا أَضَعُ عَنْك خَمْسِينَ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ هَذَا؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ شَيْئًا قَبْلَ وُجُوبِهِ عُدَّ مُسلفًا فَكَأَنَّ الدَّافِعَ أَسْلَفَ رَبَّ الدَّيْنِ خَمْسِينَ لِيَأْخُذَ مِنْ ذِمَّتِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ مِائَةً فَفِيهِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ رَدَّ إلَيْهِ مَا أَخَذَ مِنْهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ أَوَّلًا وَهِيَ الْمِائَةُ.
وقال الصاوي في حاشيته بلغة السالك لأقرب المسالك ممزوجا بكلام الدردير: لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا عَنْ عَشَرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ: (ضَعْ وَتَعَجّل) .
وقال في منح الجليل عند قول المصنف: "وَإِنْ حَلَّا لأَجَل بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا": وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمَنْعُ إنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ (ضَعْ وَتَعَجَّلْ)، أَيْ أُسْقِطُ بَعْضَ الْحَقِّ وَأُعَجِّلُهُ لَك، وَهَذَا يُؤَدِّي لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ تَسْلِيفٌ .
وقال خليل ممزوجا بكلام شارحه الدردير: "(وَجَازَ) بِلَا جَبْرٍ (قَبْلَ زَمَانِهِ) أَيْ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَبُولُ صِفَتِهِ) أَيْ مَوْصُوفِهَا (فَقَطْ) لَا أَدْنَى وَلَا أَجْوَدَ وَلَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَر لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك" .
وقال خليل متبوعا بكلام شارحه محمد الخرشي: "وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ يَجُوزُ لَهُ قَضَاءُ مَا عَلَيْهِ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا مِمَّا عَلَيْهِ وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ قَدْرًا فَقَطْ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ حسن اقْتِضَاء، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْحُلُولُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ مُمْتَنِعٌ إذْ يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي النَّقْدِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا" .

خلاصة الفتوى:

خلاصة الفتوى: أنه على حسب ما ورد في مسودة سؤال السائل أنه لا خير في هذه العملية الموصوفة في السؤال لكونها من أنواع الربا المحرم، وعلى كل واحد من الطرفين المتاب مما اقترفا من جريمة الربا، وللدائن أخذ جميع ماله دون نقص.

والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات