آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم:507/ 2020م: في بعض أحكام البيوع

السؤال:ملخص الاستفتاء: يقول السائل: إنه يود الإجابة على الأسئلة التالية:
1- تاجر يأتيه زبون يسأله عن بضاعة فيخبره بأنها لم تكن موجودة عنده ويطلب منه البقاء بمحله ليأخذها من محل آخر، فإن اشتراها الزبون دفع لصاحب البضاعة ثمنها ويستبد هو بالربح، وإلا فيرد له البضاعة، هل هذه المعاملة جائزة؟
2- هل يجوز الاتفاق مع سمسار على أن يبيع سيارة بثمن محدد مع الإذن له في أخذ ما زاد على ذلك الثمن إذا استطاع الحصول عليه؟ مع العلم أن السمسار لا يقدم على هذه المعاملة إلا إذا تيقن أن قيمة السيارة تفوق الثمن الذي يريد البائع.
3- من لديه عامل (وكاف) لديه لائحة بأسعار البضائع إلا أنه في بعض الأحيان يزيد على السعر ويأخذ الزيادة فهل تلك الزيادة لرب المال؟ وما دام يعلم أنه يقوم بهذا هل يجوز التمسك به كعامل شرعا؟
4- هل تجوز الاستعانة بشخص في شراء بعض الأغراض نظرا لخبرته وعلمه بجودتها من عدم ذلك وما ينوبها من الثمن مع العلم أنه إذا اعتمد صاحب الحاجة على نفسه قد يشتري الرديء بالثمن الغالي؟
الجواب:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛
وبعد: فإنه فيما يتعلق بالسؤال الأول فإن صاحب الدكان إما أن يمضي البيع مع الزبون بأن يتفق معه على الثمن وكيفية دفعه دون بنائه على الثمن الذي سيشتري هو به،
وفي هذه الحالة يكون البيع ممنوعا لأنه باع ما ليس عنده والأصل في المنع
ما ورد في سنن أبي داود عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». الحديث: 3503.
وفي الموطإ: عن مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ طَعَاماً مِنْ رَجُلٍ إِلَى أَجَلٍ. فَذَهَبَ بِهِ الرَّجُلُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَهُ الطَّعَامَ إِلَى السُّوقِ. فَجَعَلَ يُرِيهِ الصُّبَرَ، وَيَقُولُ لَهُ: مِنْ أَيِّهَا تُحِبُّ أَنْ أَبْتَاعَ لَكَ؟
فَقَالَ الْمُبْتَاعُ: أَتَبِيعُنِي مَا لَيْسَ عِنْدَكَ. فَأَتَيَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَا ذلِكَ لَهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لِلْمُبْتَاعِ: لاَ تَبْتَعْ مِنْهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ.
وَقَالَ لِلْبَائِعِ: لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ. الموطأ الحديث: 2361.
وقال في الرسالة: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْك حَالًّا.
قال النفراوي: قَالَ الْمَتْيَوِيُّ وَأَشْهَبُ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ النَّهْيِ: لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَا لَيْسَ عِنْدَهُ فَكَأَنَّهُ أَيْ الْمُشْتَرِي لِتِلْكَ السِّلْعَةِ مِمَّنْ يَبْتَاعُهَا مِنْ الْغَيْرِ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَاشْتَرِ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَك مَا فَضَلَ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ، وَفِي هَذَا غَرَرٌ، وَلَا سِيَّمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ سِلْعَةَ شَخْصٍ وَقَالَ لَهُ اشْتَرِهَا مِنِّي؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَبِيعُهَا لَهُ وَتَارَةً لَا يَبِيعُهَا، وَعَلَى فَرْضِ بَيْعِهَا لَهُ قَدْ يَكُونُ بِثَمَنٍ مِثْلِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهَا بِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَيُضَيِّعُ عَلَيْهِ الزَّائِدَ، وَهُوَ سَفَهٌ، وَإِنْ بَاعَهَا بِكَثِيرٍ وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِقَلِيلٍ فَيَأْكُلُ الزَّائِدَ بِالْبَاطِلِ.[الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، ج: 2، ص: 102].

وإما أن لا يمضي البيع معه فلا يحدد معه ثمنا ولا طريقة لدفعه وإنما يقوم هو بشراء تلك السلعة التي سأله عنها ثم بعد أن تصير في ذمته يبدأ معه الحديث في بيعها له فهذا لا بأس به. قال خليل في مختصره: "جاز لمطلوب منه سلعة: أن يشتريها ليبيعها بمال ولو بمؤجل بعضه".
وقال الخرشي: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ سِلْعَةٌ لَيْسَتْ عِنْدَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ، وَلَوْ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُعَجَّلٌ، وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ لِيَبِيعَهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ بِمُعَجَّلٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ. [شرح الخرشي على خليل، ج: 5، ص: 105].

وقال ابْنُ رُشْدٍ: وَالْعِينَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: جَائِزَةٌ وَمَكْرُوهَةٌ وَمَحْظُورَةٌ
فَالْجَائِزَةُ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيَقُولَ لَهُ: هَلْ عِنْدَك سِلْعَةُ كَذَا أَبْتَاعُهَا مِنْك فَيَقُولَ لَهُ: لَا. فَيَنْقَلِبَ عَنْهُ عَلَى غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا مُوَاعَدَةٍ فَيَشْتَرِيَ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا، ثُمَّ يَلْقَاهُ فَيُخْبِرَهُ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا فَيَبِيعَهَا بِمَا شَاءَ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً،

هذا عن ما يتعلق بمعاملة صاحب الدكان مع الزبون الطالب للسلعة.
أما ما يتعلق بمعاملة صاحب الدكان مع التاجر الآخر الذي عنده السلعة فإنه لا ينبغي أن يخرجها من دكانه إلا على أحد وجهين:
أحدهما أن يشتريها منه حتى تصير في ذمته هو وضمانته فإذا اشتراها منه الزبون الذي يطلبها فذلك المطلوب، وإن لم يشترها منه فهي سلعته وليس التاجر الذي اشتراها هو منه ملزما برد الإقالة وإن كان له أن يردها حسب ضوابط الإقالة المعروفة.
الثاني أن يأخذها على أنه سمسار لا تدخل السلعة في ذمته ولا في ضمانه وإذا بيعت فليس له إلا حق السمسرة المعروف حسب العادة عنهم وإذا لم يشترها الزبون ردها لصاحبها،أما أن يأخذها دون أن يكون قد اشتراها فلا ضمان عليه فيها وإذا بيعت فهي سلعته فهذا غير سائغ.
أما عن السؤال الثاني فإن الإجارة على السمسرة أمر جائز كما هو معلوم، إلا أنه كغيره من أنواع الإجارات لا بد فيه من تحديد الأجرة حتى يسلم من الإجارة بالمجهول المتفق على منعها، وعليه فإن هذا السمسار المسؤول عنه إن كانت أجرته محددة معلومة، وقيل له بعد ذلك إنما زاد على الثمن المرجو فلك، على سبيل الهبة لا على كونه جزءا من الأجرة فهذا جائز لما هو معلوم من كون الهبة من المسائل التي يجوز فيها الغرر ففي المدونة: ولا غرر في الهبة.[تهذيب المدونة، ج: 4، ص: 510].
وفي منح الجليل لمحمد عليش: وَكَالْخُلْعِ فِي جَوَازِ الْغَرَرِ الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ ...
أما إذا جعل ما قد يجده السمسار فوق الثمن المرجو في السلعة جزءا من أجرته أو هو كل أجرته ودخل المعاملة على أساس ما قد يتحصل عليه من ثمن فوق المحدد فهذا غير جائز لما فيه من الإجارة بالمجهول.
أما عن السؤال الثالث فإن ما تباع به السلعة يعتبر لرب العمل وليس للعامل (الوكاف) إلا أجرته المتفق معه عليها، وعليه أن ينصح لرب العمل ومن النصح السعي له في الحصول على ما جاز شرعا الحصول عليه من الربح.
أما عن السؤال الرابع فإنهما إذا كانا من أهل المدينة فلا بأس بشراء أحدهما للآخر لأنه من باب النصح ونفع المؤمن لأخيه المؤمن، أما إذا كان المشترى له من أهل البادية والمشتري من أهل المدينة فقد اختلف فيه عن مالك،
قال ابن عبد البر في التمهيد: لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي شِرَاءِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي فَمَرَّةً قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ وَمَرَّةً قَالَ لَا يَشْتَرِي لَهُ وَلَا يُشِيرُ عَلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ مِنَ الْمُسْتَخْرَجَةِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ.[التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ج: 18، ص: 195].

وقال في الكافي في فقه أهل المدينة: لم يختلف قول مالك في كراهية بيع الحاضر للبادي واختلف قوله في شراء الحاضر للبادي فمرة قال لا بأس أن يشتري له إنما نهى عن البيع له ومرة قال لا يشتري له ولا يشتري عليه. [ج: 2، ص: 738].

خلاصة الفتوى:
خلاصة الفتوى: أنه لا يجوز للتاجر أن يبيع ما ليس عنده إلا بالضوابط التي ذكرناها مفصلة، وأن إجارة السمسار يجب أن تكون محددة معلومة وليس منها ما زاد على الثمن المرجو في السلعة إلا إذا كان هبة.
وأن العامل (الوكاف) لا حق له إلا فيما اتفق معه رب العمل عليه. وأن شراء من يعرف السلعة الجيدة وثمنها لمن لا يعرفه لا بأس به إن لم يكن المشترى له بدويا والثاني حضريا، وإلا فالأولى تجنبه وإن وقع فلا يفسخ ولا يتعرض له.

والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات