آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم : 0076/ 2015م: في شأن الإلحاق

السؤال: ما الحكم في شأن امرأة متزوجة تعرضت لاغتصاب في منزلها في غياب زوجها وحصلت لها دورة شهرية واحدة قبل قدوم الزوج، غير أنها كتمت الأمر عن زوجها ظانة أن تلك الدورة كافية، وبعد مجيء الزوج ومضي أكثر من سنة دون حمل، والحال أن دورتها الشهرية منتظمة خلال هذه الفترة مع حضور الزوج.
بعد هذا كله ولدت ابنا بينه وبين فترة الاغتصاب سنتان، ثم ولدت ابنا آخر بينه مع الأول ثلاثة أعوام، ثم شعرت بالإحراج من كتمان حادثة الاغتصاب المذكور فصرحت بها للزوج فاعتزلها فورا. فما هو الحكم الشرعي في شأن هذين الابنين؟ وفي شأن علاقة الزوج بأمهما؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه؛
وبعد: فإن العصمة في هذه النازلة ثابتة لعدم وجود ما يمنع استمرارها، فالزوجة المغتصبة أو التي زنت ــ والعياذ بالله ــ لا يخرجها ذلك من العصمة إذ الحرام لا يحرم الحلال، فقد روى ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لا يحرم الحرام الحلال" ، قال القاضي أبو بكر بن العربي:" أقام مالك عمره كله يقرأ عليه الموطأ ويقرؤه لم يختلف قوله فيه: إن الحرام لا يحرم الحلال، ولا شك في ذلك . ولهذا عدها الإمام السيوطي في الأشباه والنظائر ضمن القواعد الفقهية حيث قال : لهم قاعدة .. وهي ( الحرام لا يحرم الحلال )، وهو لفظ حديث أخرجه ابن ماجه والدارقطني عن ابن عمر، مرفوعا.
ورغم ثبوت العصمة واستمرار الزوجية كان من الواجب استبراؤها قبل المسيس؛ قال خليل: "ووجب إن وطئت بزنا أو شبهة فلا يطأ الزوج ولا يعقد أو غاب غاصب ...قدرها" .
يعني قدر العدة، وقال ابن الجلاب: "وإذا زنت الحرة أو غصبت على نفسها وجب عليها الاستبراء من وطئها بثلاث حيض".
والاستبراء المذكور على وفق ما عهد في العدة حسب حرمة المستبرأة، فتستبرأ الحرة بثلاث حيض هي كلها المستدل بها على براءة الرحم، وقيل الواحدة دليل على براءة الرحم، والباقي تعبد، وهو رأي بكر القاضي وعياض ورجحه عبد الحق. قال ابن يونس: "قال أبو بكر الأبهري: وإنما جعل الاستبراء على حسب حرمة المستبرأة، فاستبرئت الحرة بثلاث حيض كالحدود، وقال بكر القاضي: إن القرء الأول لاستبراء الرحم، والقرآن الآخران عبادة، فالاستبراء يحصل بما يغلب على الظن براءة الرحم من الحمل، وذلك حيضة واحدة في ذوات الحيض" .
ويحرم وطؤها علي الزوج في زمن الاستبراء حيث لم تكن ظاهرة الحمل، فإن كان بها حمل ظاهر كان في جواز الاسترسال عليها ثلاثة أقوال: الجواز والكراهة احتياطا والمنع لاحتمال انفشاش الحمل، قال في منح الجليل: يحرم عليه وطؤها ــــ يعني المستبراة ـــ حيث لم تكن ظاهرة الحمل منه وإلا فقيل يكره، وقيل : يباح وقيل خلاف الأولى، ذكرها ابن عرفة وابن يونس وفي البيان ما يفيد أن المذهب التحريم وبه أجيب في نوازل ابن الحاج والمعيار عن العقباني وغيره وعلله بأنه ربما ينفش الحمل فيخلط ماءه بماء غيره وهو ظاهر ، لكن قال الرهوني : والذي يظهر رجحان عدم التحريم في المحققة الحمل من زوجها، وكذا قال كنون.
وعلي كل حال فلا تأثير لوطئه في زمن الاستبراء علي العصمة؛ قال في التوضيح : "من زنت زوجته فوطئها في ذلك الماء فلا شيء عليه" .

1- حديث: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" ، أي أن الولد ينسب لصاحب الفراش وهو هنا الزوج؛ قال في شرح عمدة الأحكام: "والحديث أصل في إلحاق الولد بصاحب الفراش وإن طرأ عليه وطء محرم" .
وفائدة الاستبراء ــرغم أن الولد للفراش ــ: نفي الحد عمن رماه بابن الشبهة .
2- حصول الاستبراء بحيضه واحدة بناء على رأي عياض وبكر القاضيين ومن وافقهما، إضافة إلى وجود قرائن تؤيد الإلحاق من انتظام الدورة الشهرية خلال أكثر من سنة مع حضور الزوج واستمرار الفراش وتباعد ما بين فترة الاغتصاب والولادة، وقد نص ابن فرحون في التبصرة على اعتبار القرائن كالبينات شرعا، وعد في هذا المنحى خمسين مسألة مما اعتبرت فيه القرائن وسائل إثبات للأحكام .
وتجب التوبة على الزوجة من كتم ما كان يجب عليها الإخبار به وإبلاغ الزوج إياه حتى لا يقع منه الاسترسال المحرم في زمن الاستبراء، أما الزوج فمعذور لعدم علمه بما يوجب التوقف عنها.
ونخلص من خلال ما تم استعراضه إلى الأمور التالية:
1- عدم لزوم الاستبراء الآن لمضي وقته وفوات نتيجته؛
2- أن العصمة ثابتة؛
3- أن الزوجة الآن عليه حلال؛
4- أن الأولاد به لاحقون؛
5- وجوب التوبة علي الزوجة من كتم ما كان يجب عليها الإخبار به أما الزوج فلا إثم عليه لعدم علمه.

والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات