السؤال: فتاة عمرها ست عشرة سنة ادعت أنها تعرضت لاغتصاب ولم تخبر أهلها حتى ظهرت عليها أمارات الحمل، وبعد الفحص تأكد أنها ذات ثلاثة أشهر ونصف، فهل يسوغ شرعا إسقاط هذا الحمل الذي لم يصل لطور نفخ الروح في الجنين؟
علما أن البنت المذكورة يخشى عليها الضياع، وأمها أصيبت بأزمة نفسية بسبب الصدمة وأبوها لم يعلم حتى الآن وتتوقع منه ردة فعل عنيفة.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه؛
و بعد: والله تعالى أعلم، أن هذا الحمل لا يجوز إسقاطه، لأن الجمهور على منع إخراج المني بعد وصول الرحم ولو قبل أربعين يوما، كما في الحطاب، وعزاه لابن ناجي في شرح المدونة، وقال إن ابن العربي في القبس حكى الاتفاق على ذلك، وإن اللخمي يرى جوازه قبل أربعين يوما .
وفي منح الجليل: أنه لا يجوز إخراج المني بعد وصول الرحم ولو قبل أربعين عند الجمهور، قاله البرزلي، و حكى ابن العربي الاتفاق عليه، وظاهر قول الجمهور ولو ماء زنا ، ونحوه في شرح عبد الباقي للمختصر .
وفي نوازل الشيخ محمد عليش ما لفظه: وإذا أمسك الرحم المني فلا يجوز للزوجين ولا لأحدهما التسبب في إسقاطه قبل التخلق على المشهور ولا بعده اتفاقا، والتسبب في إسقاطه بعد نفخ الروح فيه محرم إجماعا، وهو من قتل النفس، والمتسبب في إلقاء علقة فأعلى عليه الغرة والأدب سواء كان أما أو غيرها.
وقال في المعيار إن المنصوص لأئمتنا رضوان الله تعالى عليهم المنع من استعمال ما يبرد الرحم أو يستخرج ما هو داخل الرحم من المني إلى أن قال: فإذا تأملت هذا التحقيق علمت قطعا أن اتفاق الزوجين على إخراج المني قبل الأربعين حرام يوجب الأدب، وإذا كان الحامل على الإسقاط دفع معرة الزنا فذلك لا يبرر الإسقاط، فبالإسقاط يحصل الجمع بين جريمة الزنا وجريمة إفساد النسل، قال تعالى: [وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد] .
وبناء على ما سبق سوقه من النصوص الشرعية الصريحة في هذا الموضوع فإن إسقاط الحمل المسؤول عنه ممنوع بالاتفاق، والإقدام عليه جمع بين جريمتين: الزنا وإفساد النسل ولا يبرر ذلك خوف معرة الزنا أو الأثر النفسي علي الوالد أو الفتاة.