آخر الأخبار المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يجتمع في دورة جديدة :: المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يبين الموقف الشرعي من الإسراف والتبذير في المناسبات الاجتماعية :: بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم نشرية علمية جديدة حول أحكام العيد والأضحية وآدابهما. ::
الصفحة الرئيسية
 عن المجلس
  النصوص القانونية
  تشكلة المجلس
 الفتوى
  صناعة الفتوى( الحلقة الثانية)
  صناعة الفتوى (الحلقة الأولى)
  فتاوى صادرة عن المجلس
 المظالم
  مظالم تمت تسويتها
 ندوات ومحاضرات
  توصيات الندوة العلمية حول العلاقة بين الفقه والطب
الفتوى رقم: 379/ 2019م: في بعض أحكام الأحباس

السـؤال : ملخص الاستفتاء:
يطلب السائل فتوى في حكم أحباس خصوصية موروثة عن الأجداد من الجهتين تتمثل في قطعان من البقر من جهة، والماعز من جهة، وكانت في السنوات الأخيرة ينفق عليها عند الاقتضاء من رؤوسها بقضاء ديونها أو أكثرها عندما يصلح شيء منها للبيع، ثم إنه لوحظ نقص كبير بأعدادها خاصة البقر ولم يتسن للناظر طريق للبحث عن المفقود لعدم معرفة ذواتها، ولم يعد من كان يقوم على رعايتها في الماضي يقبل حيازتها إلا في زمن خصب، فيضطر الناظر إلى تأجير أجنبي لا يميزها إلا بالميسم، وأصبح كل سنة يلاحظ نقصا في عددها لا يعرف سببه وأفتاه بعض الفقهاء بجعلها في العقار.
فهل يطبق هذه الفتوى وهل يجعلها في منطقتها القديمة أو حيث يكون الاستثمار أفضل والغلة أكثر ؟
وهل إذا تعدد الواقف واتحد الموقوف عليه يلزم جعله متعددا بحسب الواقفين أو يمكن خلطه مادام الموقوف عليه متحدا؟
وهل إذا لم يتمكن الناظر من سداد متطلبات الوقف يمكنه الاقتراض بالفوائد على حساب الوقف؟.
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين،وبعد: فإن السائل ذكر في سؤاله أن الحيوان المحبس أصبح مهددا بالمحق بسبب كثرة مصاريفه وضياعه، وقلة من يقوم برعيه والبحث عما ضاع منه، وقد أفتاه البعض ببيع هذا الحيوان وجعله في العقار ومن ثم سأل هل يطبق هذه الفتوى والإجابة عن ذلك أن الأصل في الحبس عدم جواز بيعه، وأجاز بعضهم بيعه في حال الضرورة طبقا لما تقرر في المذهب المالكي
قال في الفواكه الدواني : (تَنْبِيهٌ) تَلَخَّصَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَعْيَانِ الْمَوْقُوفَةِ غَيْرِ الْعَقَارِ إذَا تَعَطَّلَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا، لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ، سَوَاءٌ كَانَ الْحَيَوَانُ يُعْلَفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَرْعَى فِي الْمَرْجِ حِرْصًا عَلَى الْوَفَاءِ بِغَرَضِ الْوَاقِفِ وَبَقَاؤُهُ مُعَطَّلُ الِانْتِفَاعِ مُفَوِّتٌ لَهُ.

وقال أيضا (خَاتِمَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَسَائِلَ حِسَانٍ) مِنْهَا: أَنَّ الذَّاتَ الْمَوْقُوفَةَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَّا الْمَنْفَعَةُ الْمُعْطَاةُ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ عَمَلٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ هُوَ إعْطَاءُ الْمَنْفَعَةِ فَلَيْسَ الْوَقْفُ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ. قَالَ خَلِيلٌ: وَالْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ وَظَاهِرُهُ حَتَّى فِي الْمَسَاجِدِ وَقِيلَ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ [الجن: 18] وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلُ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ مَعَ مَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ أَنَّ لَهُ وَلِوَارِثِهِ منع مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ.

قال اللخمي في التبصرة: "وإذا انقطعت منفعة الحبس وعاد بقاؤه ضررًا جاز بيعه، وإن لم يكن ضرر ورجي أن تعود منفعته لم يجز بيعه. واختلف إذا لم يكن ضررٌ ولا رجاء منفعته، فأجاز ابن القاسم وربيعة البيع ومنعه غيره، فقال مالك فيما ضعف من الدواب حتى صار لا قوة فيه للغزو أو كَلِبَ أو خَبُثَ: يباع، ويجعل ثمنها في غيره من الخيل، قال ابن القاسم: فإن لم يكن في ثمنه ما يشترى به فرس أو هجين أعين به في فرس. وقال في الثياب: إن لم يكن فيها منفعة بيعت واشتري بقيمتها ثياب، فإن لم يكن في الثمن ما ينتفع به فُرِّق في السبيل".
وتأسيسا على ما تقدم فإن الحيوان الموصوف في السؤال لا مانع من بيعه وجعل ثمنه في عين تحقق للموقوف عليه غلة الحبس لينتفع بها، ويستعمل ناظر الوقف في ذلك النظر السديد ويختار العين التي تكون أكثر منفعة وأقل ضررا وأكثر ضمانا للاستمرار المطلوب في الوقف، ولا فرق بين الأمكنة في ذلك لأن غلة الحبس متعلقة بالأعيان المحبس عليهم، أينما كانوا، أما شق السؤال المتعلق بخلط الأوقاف التي تعدد واقفوها واتحد الموقوف عليه، فإن مقتضيات النصوص أن كل وقف يلزم أن يظل متميزا وحده لما يترتب على ذلك من الأمور الشرعية مثل رجوع الحبس لأقرب فقراء عصبة المحبس في حال انقراض المحبس عليهم، لقول خليل في مختصره :"ورَجَعَ، إِنِ انْقَطَعَ لأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ ". ومن ذلك أن الوقف على ملك الواقف لقول خليل أيضا: "وَالْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ".
وعليه فإن خلط الأحباس المتعددة الجهة قد يفوت بسببه التمييز بينها مع أن الشركة ضرر في ذوات القيم كما قال ابن عرفة في مختصره: "إنما الشركة ضرر في ذوات القيم".
أما الاقتراض بالفوائد على حساب الوقف المسؤول عنه في السؤال فلا سبيل إليه شرعا لأن القرض بمنفعة من وجوه الربا المحرمة إجماعا" قال ابن عبد البر في الاستذكار:"وَلَمْ يَلْتَفِتْ مَالِكٌ إِلَى ذِكْرِ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ مَا يَصِيرُ الْفِعْلُ إِلَيْهِ مِنْهُمَا، فَإِذَا حَصَلَ بِيَدِ الْآخَرِ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ فِي صَفْقَةٍ، وَزِيَادَةَ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ. أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي السَّلَفِ، وَالزِّيَادَةُ فِي السَّلَفِ مُجْتَمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا".

الخلاصة
خلاصة الفتوى: أن الحيوان الموصوف في السؤال لا مانع من بيعه وجعل ثمنه في عين تحقق للموقوف عليه غلة الحبس لينتفع بها ، ويستعمل ناظر الوقف في ذلك النظر السديد ويختار العين التي تكون أكثر منفعة وأقل ضررا وأكثر ضمانا للاستمرار المطلوب في الوقف ، ولا فرق بين الأمكنة في ذلك لأن غلة الحبس متعلقة بالأعيان المحبس عليهم أينما كانوا، ولا تخلط الأحباس المتعددة الجهة على النحو الوارد بالمسودة وأما الاقتراض بالفوائد فلا سبيل إليه لحرمته إجماعا.

والله الموفق.

بـــحــث
     
 خدمات